التصعيد يستبق نقاشات كيري حول اليمن في الرياض والتوتر يعصف بمفاوضات الكويت .. وهل اقتنع الطرفين أن المربع العسكري أهون من مفاوضات بلا سقف..؟
14 مايو، 2016
957 14 دقائق
يمنات – خاص
أنس القباطي
بدأ التصعيد العسكري في جبهات القتال، يأخذ منحى جديد في خضم توترات شديدة شهدتها جلسة عامة في مفاوضات الكويت، الجمعة 13 مايو/آيار 2016.
و جاء التصعيد بالتزامن مع زيارة لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري إلى الرياض، حسب ما اعلنت وزارة الخارجية الامريكية.
الصواريخ الباليستية اليمنية عادت مرة أخرى لتستهدف الأراضي السعودية، ردا على غارات مكثفة استهدف محافظة عمران، شمال البلاد منذ صباح الجمعة.
و اعلن الليلة عن اطلاق صاروخ باليستي من نوع “قاهر1” على هدف عسكري في مدينة جيزان، جنوب السعودية، ردا على أكثر من 15 غارة لطيران التحالف السعودي، استهدفت موقع المهلل و مناطق في مديرية خمر بمحافظة عمران، منذ صباح الجمعة و استمرت حتى مساء الجمعة.
و يعد هذا الصاروخ هو الثاني الذي يطلق باتجاه الأراضي السعودية، منذ اعلان وقف اطلاق النار من قبل الأمم المتحدة في الـ”10″ من إبريل الماضي.
مصادر صحفية، قالت إن غارة لطيران التحالف استهدفت قبل الليلة مديرية المصلوب بمحافظة الجوف الحدودية.
التصعيد وزيارة كيري
تزامن هذا التصعيد مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري لـ”الرياض” لبحث الأوضاع في اليمن و سوريا و ليبيا، حسب ما اعلنت الخارجية الأمريكية، يقرأ في سياق توجه لعودة الخيار العسكري إلى الواجهة، خاصة مع التوتر الذي شهدته الجلسة العامة التي عقدت الجمعة 13 مايو/آيار 2016، من توتر بين وفدي التفاوض، حين بدأ النقاش على تشكيل حكومة جديدة، و هو ما يرفضه وفد حكومة هادي، و يصر عليه وفد صنعاء.
قناعة التصعيد
ربما يكون الطرفان وصلا إلى قناعة أن استمرار التشاور لا يحقق الحد الأدنى من الآمال التي ارادا تحقيقها من مفاوضات الكويت، فوفد صنعاء يرى أن القبول بتسليم الأسلحة و الانسحاب من المدن في ظل بقاء حكومة هادي، لا يعني إلا الاستسلام، في حين يرى الطرف الآخر أن تشكيل حكومة جديدة لا يعني غير الذهاب إلى المجهول، خاصة و أن وضع ما يعرف بـ”الشرعية” بات مثيرا للشفقة، في ظل صراعات و انقسامات داخلية و تواجد التنظيمات المتطرفة في مناطق سيطرتها.
حليف ضعيف وموقف محرج
السعودية هي الأخرى، ترى أن وضع حلفاؤها في الداخل بات يرثى له، و التخلي عنهم مع عدم وجود حليف محلي قوي في الداخل اليمني، يعني الذهاب إلى المجهول.
و في ذات السياق يرى أنصار الله أن تفاهمات ظهران الجنوب، قرئت بشكل خاطئ من قبل السعودية و ربما من قبلهم، من باب أن السعودية تريدهم حليفا بديلا لحلفائها السابقين ينفذون اجندتها مقابل أموال و هبات و عطايا.
الأمر الواقع على طاولة كيري
و من هنا فإن السعودية تريد التصعيد و العودة إلى المربع العسكري، لوضع كيري أمام الأمر الواقع، و الذي حضر إلى الرياض لممارسة ضغوطات بلاده المستمرة بالقبول بحل سياسي عبر مفاوضات الكويت، تفضي في نهاية لتشكيل حكومة جديدة بدلا عن حكومة هادي التي صارت مجرد عجينة تشكلها الرياض كيفما تشاء.
قبلة أمريكية جديدة في الخليج
ربما ترى الرياض في زيارة كيري نوع جديد من الضغط الذي لن تستطيع مقاومته، و بالتالي لابد من تفجير الأوضاع قبل الدخول في نقاشات حاسمة، سترجح الأمور لصالح كيري الذي بدأت قواته تتدفق إلى جنوب و شرق اليمن و ربما بعيدا عن التشاور مع الرياض، بعد أن صارت أبو ظبي قبلة أمريكية جديدة في الخليج، و بالتالي لابد من تغيير موضوع النقاش قبل أن يبدأ، على غرار قرار إقالة بحاح من منصبيه في رئاسة الجمهورية و الحكومة، و الذي جعل التفاهمات السابقة التي استمرت النقاشات حولها قرابة العام، في مهب الرياح، كون أنصار الله و المؤتمر لن يقبلوا بنقل سلطات “هادي” لنائبه الجديد “محسن”، ذلك القرار الذي خدم السعودية في أن جعل مفاوضات الكويت تدور في حلقة مفرغة، و حصن هادي من مطالبته بنقل سلطاته لنائبه.
و مع ذلك تظل كل الاحتمالات واردة، غير أن القبول بتشكيل حكومة جديدة من طرف هادي و الرياض، يضعهم في موقف حرج جدا بعد أكثر من عام من حرب دمرت مقدرات الشعب اليمني و ارتكبت فيها السعودية جرائم ستظل تلاحق بسببها سنوات إن لم يكن عقود.
غريق في مستنقع
السعودية ترى أنها غرقت في المستنقع اليمني، و لا تستطيع الخروج منه بأقل الخسائر إلا في حالة واحدة، هي التوصل مع القوة الجديدة الصاعدة في اليمن “أنصار الله” إلى اتفاقات موثقة تضمن من خلالها على الأقل عدم ملاحقتها بجرائم الحرب و التعويض عن أضرارها.
و في الوقت ذاته ترى السعودية أن الاستمرار في الحرب لن يحقق لها ما لم تستطع تحقيقه خلال عام، غير أن اشعال المعارك من جديد سيجعلها تهرب إلى الأمام، علها تستطيع أن تغير شيئا في الواقع الميداني الحالي أو تبحث في مخرج للنفاذ من جرائمها التي باتت مفضوحة و مكشوفة.
بين الحصار والاستسلام
يشعر أنصار الله بأن القرار 2216 حاصرهم في مربع “التمرد” و يسعون للفكاك من سياجه المضروب حولهم بتقديم المزيد من التنازلات، غير أن استمرار التنازلات لا يعني سوى الاستسلام و تصاعد الغضب الشعبي تجاههم ما سيفقدهم الحاضن الاجتماعي، و الذي إن فقد، لا يعني غير التضحية بدماء لا تزال تنزف منذ أكثر من عشر سنوات.
خسائر وملاحقة
و بالمثل ترى السعودية أن خسائر عام من الحرب؛ و رغم ما الحقت من أضرار بخزينتها، إلا أن القبول بتشكيل حكومة جديدة دون ضمانات، لا يعني سوى أن تظل ملاحقة بجرائم الحرب و التعويضات و ضياع هيبتها الاقليمية التي ظلت لصيقة بها منذ أكثر من “50” عام.
ضياع قشة النجاة
بالمقابل يرى هادي أن تشكيل حكومة جديدة، يعني ضياع القشة التي انفذته حين ضاقت بها جغرافيا اليمن، و اصبح محاصرا في قصر معاشيق الرئاسي بـ”عدن” في ابريل من العام الماضي، و مثله الموالين له من شخصيات و أحزاب و فصائل مسلحة، و الذين صاروا مشتتين و متناحرين و متعددي الولاءات.